هل يعطي الجوال أكثر مما يأخذ ؟

ربما يكون الجوال هو الاختراع الأكثر إلتصاقاً بالإنسان ! معظم الاختراعات نقترب منها وقت الحاجة ووقت الاستخدام. فنحن نركب السيارة حين نحتاج الانتقال من مكان لآخر، و نستخدم الملعقة عندما نريد تناول الطعام، و نشغل المصباح في المساء عندما نحتاج الضوء. أما الجوال فلايكاد يفارقنا طوال اليوم. ننام و هو بجانبنا، و نستقيظ صباحاً و هو في وجوهنا، و بين هذا و ذاك إما في جيبنا أو في كف أيادينا! أليس فعلاً هو الاختراع الأكثر إلتصاقاُ بالإنسان ؟!

10/3/20251 min read

ربما يكون الجوال هو الاختراع الأكثر إلتصاقاً بالإنسان ! معظم الاختراعات نقترب منها وقت الحاجة ووقت الاستخدام. فنحن نركب السيارة حين نحتاج الانتقال من مكان لآخر، و نستخدم الملعقة عندما نريد تناول الطعام، و نشغل المصباح في المساء عندما نحتاج الضوء. أما الجوال فلايكاد يفارقنا طوال اليوم. ننام و هو بجانبنا، و نستقيظ صباحاً و هو في وجوهنا، و بين هذا و ذاك إما في جيبنا أو في كف أيادينا! أليس فعلاً هو الاختراع الأكثر إلتصاقاُ بالإنسان ؟!

و من وحي هذه المواقف، تبادر إلي سؤال! هل هذا الجوال يعطي أكثر مما يأخذ أو يأخذ أكثر مما يعطي؟! و لكي نجيب على هذا السؤال، نحتاج أن نقف على جانبيه! أعني السؤال ! ماذا أعطى، و ماذا أخذ !

ماذا أعطانا الجوال ؟

كنت أحدث أبنائي كيف كان والدي عندما يخرج من المنزل فليس لنا وسيلة تواصل معه إلا عندما يعود. و كيف نحن إذا خرجنا عندما كنا صغاراً، فلا خبر عنا إلا إذا عدنا إلى منازلنا أو عن طريق بعض التحريات بالهاتف من منزل لآخر. ربما تكون أكبر و أعظم ما أعطانا الجوال هو القدرة على التواصل في أي مكان و أي زمان و من أي مكان و أي زمان! تغيرت طبيعة الحياة بقدرتنا الفائقة على التواصل الفوري صوتياً و مرئياً. هذه حسنة في صالح عطايا الجوال التي لا غبار عليها.

أعطانا الجوال كذلك القدرة على الحصول على المعلومة بسرعة فائقة. هل تبحث عن متجر معين ؟ أو إحصائيات تحتاجها في مهمة دراسية؟ أو عنوان لمستشفى؟ أو حتى معالم و تضاريس و طقس و وقت شروق و غروب و تفاصيل عديدة حول دولة ترغب بزيارتها. ليس هناك حدود لما يمكن أن تحصل عليه من معلومات في هذا العصر. لا ننكر أن الإنترنت كان له فضل في ذلك و لكن وجود الجوال مع تطبيقاته ضاعفت من هذه القدرة و امتدت لتشمل تفاصيل أخرى كثيرة.

الشهادات الأكاديمية و الدراسة عن بعد من المزايا التي أصبحت أكثر سهولة باستخدام الجوال. تمكن الكثير من الأفراد من دراسة دورات أو حضور ورش عمل و محاضرات في مختلف المجالات. تعدى الأمر ذلك، و أصبح بالإمكان الحصول على درجات علمية عن طريق هذه الشاشة الصغيرة التي في أيادينا. يعتبر مفهوم التعلم عن بعد أحد أولويات المؤسسات التعليمية لما له من توفير وقت و جهد و إلغاء الحضور الفعلي الذي يتطلب تهئية المكان إلى عالم افتراضي يحقق أهدافه بأسرع وقت و أقل التكاليف.

ماذا أخذ منا الجوال ؟

عندما نفكر فيما أخذ الجوال منا، فبدون أدنى شك و دون أدنى منازع و لا يمكن أن يدفع هذا أي دافع ! فإن أكبر و أهم و أعظم ما أخذ منا الجوال ، هو الوقت! و لكي تتأكد من هذه الحقيقة ضع في صفحة جوالك الأولى الإضافة الخاصة بمتابعة الوقت الذي تقضيه في استخدام الجوال. ستتفاجأ بالأرقام! هل هي خسمة ساعات؟ أو سبعة ساعات؟ إن الوقت الذي نستغرقه في استخدام الجوال قد يتعدى ليصل إلى ثلث اليوم. إذا أخذت في الاعتبار أن ثلث اليوم نقضيه في النوم، و ثلث في العمل أو الدراسة، فكم بقي منه ليتبخر عبر هذه الشاشات في أيادينا.

إن كان الوقت يحتل المرتبة الأولى، فإن العلاقات الأسرية و الاجتماعية تحتل المرتبة الثانية بدون منازع. كم هي الذكريات جميلة في أيامنا الماضية قبل هذه الثورة التقنية حيث لا مفر من نجلس مع بعضنا لنتسامر الحديث و نتناقل الحكايا و المواقف. حينما تحين ساعة النوم تعصف بنا الأفكار فنخطط لما نريد عمله في الغد أو ماذا عملنا في الأمس. في مجالسنا ليس هناك لحظات الصمت التي يتفحص كلُ ضيف جواله بل كلٌ يتحدث مع الآخر حتى اللحظات الأخيرة من ساعات كلها بركات و خيرات!

أخيراً و ليس آخراً، يمكن أن تكون الصحة من أهم ما أخذ منا الجوال. تلك العيون التي تديم النظر هل ستكون كما ينبغي بدون كل تلك الساعات التي تطيل التحديق إلى تلك الشاشة المضئية! و تلك الأجساد التي تطيل الجلوس و الاستلقاء حاملةً الجوالات و تركت الحركة و المشي سواء في المنزل أو في شتى مهام الحياة.

خاتمة

بكل تأكيد هناك جوانب إيجابية و هناك جوانب سلبية و أنت - شخصك الكريم- تحدد ذلك و لك أن تختار أي كفة ترجح و أي نفع تجلب أو أي ضرر تدفع.

ماذا عنك أنت ؟

ماذا أخذ منك الجوال و ماذا أعطاء ؟

و هل أعطاك أكثر مما يأخذ أو أخذ منك أكثر مما يعطي؟

رأيك في التعليقات